
ادفنوني حيث أموت
صراع بين الراسخ والمتطفل
قراءة فى رواية
" ثعالب فى الدفرسوار
للروائى /
أحمد محمد عبده
بقلم /
محمود الديدامونى
توطئة
الرواية ، هذا العالم السحرى الجميل بلغتها وشخصياتها التى تتكون أمامنا من لحم ودم ، تتحرك فى أحياز وأمكنة فى زمن ما تستدعى فيه أزمن أخرى وتستشرف أيضا زمانا آخر ، ينسجه الكاتب من خياله مرتكزا على أرضية واقعية أحيانا ، وإن لم تكن متماسة مع واقع بعينه ، لأنها لوكانت كذلك لوقعت فى شرك التسجيلية .
إن الرواية تتخذ لنفسها ألف وجه، وترتدى فى هيئتها ألف رداء ، وتتشكل أمام القارىء تحت ألف شكل . إنها تشترك مع الملحمة فى طائفة من الخصائص ، وذلك من حيث أنها تسرد أحداثا لأن تمثل الحقيقة ، وتعكس مواقف الإنسان ، لكنها تستميز عن الملحمة بكون الملحمة شعرا ، بينما تتخذ الرواية النثر تعبيرا لها . فالرواية متفردة بذاتها ، لكنها فى الوقت ذاته ذات ارتباط وثيق بعامة الأجناس الأدبية الأخرى فنرى الحوار عنصر المسرحية ، والشعر والأحداث عصب الملحمة ، والحكاية عصب الموروث الشعبى . إذن لابد لأى رواية أن تتعدى حدود مادتها لتستميز بخصوصية فنية تجعل منها شكلا فريدا .
وما بين أيدينا فى هذه القراءة يقدم لنا رواية تحمل كل هذا التداخل بين الأنواع الدبية بعضها مع بعض فى نسيج متماسك .
مدخل
الأدب هو ـ فى وقت واحد ـ نظام خاص للتعبير عن الشأن الاجتماعي وتاريخ المفاهيم المتغيرة إلى الكتابة الفنية ، ونتاج فنى تنعكس فيه أصداء الصراع بين النظريات . صراع مستمر بين الولادة والموت ، بين التجديد والتقليد ، بين حق الكاتب فى الحرية والضوابط التى يشكلها الذوق العام وأصول الفن . " 1 " قضايا أدبية عامة
ولعل الكتاب الذى بين أيدينا " ثعالب فى الدفرسوار " يذكرنى بمقولة ديكارت فى كتابه " خطاب فى المنهج " : ( إن قراءة الكتب الجيدة ، تشبه الحديث مع الناس الشرفاء من أبناء القرون الخوالى الذين كتبوها ، بل هى حديث متقن يعرضون لنا فيه أفضل أفكارهم ) . ومن ثم تجاربهم .
ولعل الرواية تتدارك مفهوم خريطة الاتصال على مستويين يسيران فى اتجاه واحد وكل منهما مرادف للآخر . حيث حدد " ياكوبسون " الاتصال الأدبى كما يلى :
مرسل ــــ [ سياق ـ رسالة ـ صلة ـ شفرة ]ـــــ مرسل إليه
وقد تمثل المرسل فى هذه الرواية على عدة مستويات منها على سبيل المثال
القيادة العسكرية متمثلة فى الرئيس الراحل أنور السادات ، ثم فى المراسل العسكري الذى يقدم وصفا دقيقا ورائعا للحرب ، ثم فى الإعلام من الجانبين المصري والإسرائيلي على حد سواء . ثم تأتى الرسالة الموجهة إلى المتلقي ثم المرسل إليه ويكاد ينحصر فى الضدين فقط .ينفعل للرسالة بها أو عليها . يصدقها أو يكذبها . هذا يتوقف على عدة عوامل من وجهة نظرى:
1 ـ قدرة المرسل على صياغة رسالته بحيث تقدم للمتلقى قدرا من المصداقية يتواءم مع قراءته هو للواقع وتتماس مع ميله لذلك
2 ـ ثقافة المتلقى .
3 ـ قيمة الرسالة .
4 ـ قدر من الثقة المسبقة بينهما 0( أى بين المرسل والمتلقى ) ، بناء على تاريخ اجتماعي مسبق .
ورواية " ثعالب فى الدفرسوار " لـ أحمد محمد عبده تتشابك فيها العلاقات ، وتختلف الثقافات من منظورها التعليمى واللغات من منظورها الوجودى أو الكيانى . يبزغ فيها ضوء ويخفت آخر ، إنها رواية تمتلىء بروح المقاومة والتوحد ، ويعانى أبطالها من الظلم المنتشر فى كل مكان ـ من العدو ومن الحبيب ـ إنها رواية تختلف فيها معايير الحكم على الأشياء ، يجد الواحد نفسه تحت كم هائل من الضغط النفسى والعصبى الذى لا حد له . هل الحياة تسير نحو الضوء أم أنها ما زالت تحت هيمنة الظلام ؟. إن الرؤية ما زالت مضببة إن لم تكن دون ذلك .
هذا ما سنعرفه من خلال الولوج بشيء من القراءة لهذا النص الذى يثير العديد من التساؤلات . ويرصد الثغرة عن قرب ويقدم للأجيال الحالية والقادمة رؤية أكثر واقعية وفنا له القدرة على التخطى والمصداقية ، بما تملكه الرواية من صدق فنى ومهارة أسلوبية ، ومدى إسهام ذلك فى منحنا الرؤية المنطلقة من توجه النص أو على أقل تقدير الإيحاء لنا بذلك .
ثقافة المقاومة :
كان التعريف السائد للمقاومة ما تبناه المفكر الكبير " محمود أمين العالم عندما قال : ( إن ثقافة المقاومة هى ضرورة إنسانية مطلقة فى تحقيق الذات الإنسانية ، وهى مشروعة فى مختلف تجلياتها .. وإن التاريخ هو تاريخ نضال الإنسان واستشهاده فى مختلف مجالات العلم والفكر .. وضد كل ما يعيق وجوده وتقدمه ) .
وهناك من ذهب لأبعد من هذا وعرفها على أنها ثقافة الاستشهاد .. أن تعرف كيف تموت لتعرف أكثر كيف تعيش ... " 2 " الغيم والمطر
وذلك ما برز لدى بعض شخصيات الرواية بينما تألق مفهوم الحرب فى البقية الباقية . التى تنطلق من مواقعها متقدمة فى اتجاه الآخر مرتكزين على تاريخ من المواجهات الخاسرة . مصممين هذه المرة على الخروج من غياهب الجب التى أحاطت بكل شيء إلا أنها لم تتمكن من النفوس التواقة للحرية والحياة .
إنها رواية تنتمى إلى أدب الحرب ، ذلك الأدب الذى يملك نبلا فى شخصياته، تنزع دائما إلى النضال وتنشد الحرية ، ترفض الظلم والعدوان ، الباطل والاضطهاد ، إنها أى الرواية الحربية تظهر رفض الشعوب للظلم ، خاصة تلك التى تقع تحت الاحتلال ، وفرض الظلم عليها بالقوة ، وجمر النار ، إن شخصياتها تملك أو تتسم بصفات التضحية الخارقة ، وحب التفانى فى خدمة الوطن . مما يجعلها تستأثر بحب القرّاء الذين ربوا على حب الخير وتمجيد الحرية ، إنها رواية مناضلة بحكم طبيعة وصفها ، فهى تمثل طبيعة الأدب السياسى ، الذى ليس ثمرة إلا من ثمرات العمل العسكرى " 3 " فى نظرية الرواية
ولعل الرواية هى اصدق فنون القول على تصوير التغيرات الاجتماعية خاصة إذا كان السارد يملك رؤية تاريخية سليمة ونظرة اجتماعية ثاقبة بالإضافة إلى أدواته الفنية ، التى يرصد بها ويسجل خلالها حركة المجتمع ويجسد الإرهاصات الدقيقة بإيحاء المستقبل قبل وقوعه .
فالرواية الصادقة تصبح وثيقة ثمينة من وثائق المؤرخ والباحث الاجتماعى .فرواية ( الحرب والسلام ) للأديب الروسى " تولستوى " تسجل فى ضمير ملايين القراء من كل جنس ولغة غزو نابليون لروسيا سنة 1812 ، وما فعلته تلك الحرب بحياة شخصيات الرواية . وما طرأ عليها من تغييرات ، وقد لا يختلف كثيرون على أن الرواية هذه أعظم ما كتب فى هذا الفن على الإطلاق .نظرا لارتباط هذه الرواية وأحداثها التاريخية المتعلقة بتاريخ روسيا وأوربا جمعاء ، بوعى القارىء إلى الأبد بعد قراءته للرواية "4 " سحر الرواية
ولا أتجاوز عند القول بأن رواية ( ثعالب فى الدفرسوار ) لـ أحمد عبده ـ قدمت رؤية غاية فى الواقعية ، مغايرة تماما لما كتب فى أدب الحرب ، خاصة ما كتب فى حرب أكتوبر1973 . فجل ما كتب كان يصور أو يظهر تفوق الآلة العسكرية المصرية ، وبطولات المقاتلين على خط النار والعمل على رسم صورة بطولية تتماس مع تلك الروح المهيمنة على المتلقى وقبوله المرتبط بالأمل فى تحقيق ما يروى عليه ، فترتفع معنوياته , وبلا شك فإن ذلك شارك فى تشكيل الوجدان المقاوم لدى الإنسان المصرى والعربى على حد سواء... أما وقد مرت السنون ، وعاد للعقل بريقه . كان الحديث عن الأشياء الأقرب للتصديق والواقع بعيدا عن الآمال والأمنيات .
فى الواقع لقد قرأت فيما سبق مجموعة من الروايات للأديب الكبير" فؤاد حجازى " مثل (الأسرى يقيمون المتاريس ـ الرقص على طبول مصرية ) وبهرنى فؤاد حجازى إلى حد بعيد بما يملكه من قدرة هائلة على الربط بين الواقع الاجتماعى والعسكرى . وما تملكه كتاباته من صدق فنى وحقائق لا تقبل الشك مسلحا بتاريخ إبداعى وثقافى وفكرى وخبرة حياتية واسعة . حيث كان فى الغالب أحد أبطال رواياته . فالمصرى عنده لا يستسلم وما دام كذلك سيهب مرة أخرى ، فهو شامخ رغم سقوطه ، يسمو على الانكسار ، والحرب بذلك عند فؤاد حجازى ضرورية لدفع آلية الصد والردع " 5 " الرقص على طبول مصرية
أما هنا فإن الأمر يختلف كثيرا ، ليس من باب الأفضلية أو ما إلى ذلك إنما الأمر يتعلق بالرؤية والمعالجة الفنية ، فلست هنا لعقد مقارنة بين كاتبين ، أبدا ـ الموضوع يتعلق بأدب الحرب ـ فالرواية التى ساقها أحمد محمد عبده إلينا " ثعالب فى الدفرسوار تقدم رؤية جادة بل وجديدة أيضا ، قد تتماس مع غيرها فى بعض مواطنها لكنها فى السواد الأعظم مختلفة تماما عن كل ما قرأته . ولا اجزم فى القول بالاختلاف عن كل ما كتب ، فلست مطلعا تماما على كل ما كتب فى أدب الحرب ، وإن كان من الواجب أيضا الإشارة إلى الرائد جمال الغيطانى ، وكذلك ما كتبه الروائى الشرقاوى بهى الدين عوض وحتى بعض ما كتبه القاص محمد عبد الله الهادي فى أدب الحرب ، وفى هذا المجال أذكر أيضا الأديب الدمياطي سمير الفيل خاصة ( خوذة ونورس وحيد ) .
أعود إلى الرواية ، إنها الأقرب إلى الواقع ومن ثم إلى العقل يتضح ذلك من خلال القراءة المتأنية لها .
إن القاص يقدم من خلال روايته القصيرة مزجا حقيقيا بين المجتمع المدنى والمجتمع العسكرى ...وإن كان الأمر هنا يختلف فروح النضال والبطولة تتمثل فى شخصيات مدنية لا تمت للعسكرية بصلة .. ويدفعنا إلى العديد من الأسئلة السياسية الشائكة ، مثل ما الذى جنيناه من حرب اليمن ؟ ولماذا نقاتل هناك بينما هنا عدو استراتيجي يتحرش بنا من آن إلى آخر ؟ والسؤال الأكثر أهمية .. من نصدق ؟ وكيف نصدق ؟ ولماذا نصدق ؟ كيف تكون قواتنا عبرت .. وهم هنا فى الجانب الغربى .. يدهمون بيوتا ويأسرون شبابا ويقتلون شيوخا ويخطفون نساء ؟ أسئلة عديدة يطرحها الراوى علينا فى حيادية تامة وبطريقة تدلنا على نضج فنى كبير .
والسؤال الأكثر إلحاحا هل الرواية التى بين أيدينا تنتمى إلى أدب الحرب أم أدب المقاومة ؟
فى الواقع فإنها تنتمى إلى الأدبين معا ، حيث نرى المقاومة الشعبية تقف جنبا إلى جنب مع الآلة العسكرية ، لذلك لا يمكن الفصل بينهما . وإن كانت تميل إلى أدب المقاومة أكثر بما يحمله من إصرار على استخدام كل الإمكانيات المتاحة وأبسطها فى عملية الردع والمقاومة .
ولنرقب تلك المقارنة المعقودة بين جبهتين بينهما صراع مستمر ، عندما يسوق الراوى تساؤلا بمدى إمكانية تحقيق المقاومة المطلوبة ، من عدمه .
( محسن كان قد جاء من اليمن وفى رأسه خطط تدمر قوات الثغرة ... لكن !!أتظن أنه .. وبعينه الواحدة .. يستطيع أن يحارب قوات كهذه "
نعود فنقول .. وما تكون هذه القوات أمام جحافل وجيوش .. قوادها جنرالات لهم عيون أوسع من عيون البقر !
هزمهم ـ أكثر من مرة ـ أشهر أعور فى التاريخ الحديث ..
لا يمكن أن نقف أمام هذا التعبير كثيرا لكن الأمانة تفرض علينا أن لا نمر عليه بشكل عابر ، فكلنا يعلم جنرالات مصر وأعور إسرائيل .
أعود إلى مقولة تؤكد على عدم التقليل من عمل ما ، ما دام هناك إصرار الفعل أو العمل .يقول " جان جاك روسو " عندما كان يخطب فى أحد شوارع باريس المظلمة وتقدمت امرأة سجنوا ابنها فى " الباستيل "قالت له " إن كلماتك يا روسو رائعة .. ولكنها لن تعيد الحرية لابني .. فقال روسو إن الحرية التى نسعى إليها أكبر من حرية ابنك وحده يا سيدتى ، إنها حرية الشعب كله إنها حرية الملايين "
ما دام هناك من لديه القدرة على الفعل كــــ " تعلوب الأعرج ، محسن الأعور ، رحمة العجوز ) . ستستمر المحاولات وبالطبع سوف يبزغ النور من جديد . رغم وجود ابن الثرى الذى هرب من الميدان متخاذلا ، وكأنه مقدر للفقراء والبسطاء من أبناء هذا الشعب أن يدفعوا ضريبة الحرية والنصر من دمائهم وأقواتهم ، وأرواحهم . لأنهم ببساطة شديدة يجدون فيها الشرف والعرض .. بعيدا عن المفاهيم الأخرى كالولاء للوطن ، أو ما شابه . لأنهم لا يعرفون تلك المعانى . إنما يدركون أنها دفاعا عن كرامتهم وشرفهم وأعراضهم وأرضهم .
وإن كان ذلك يصب بالطبع فى مصلحة كل المفاهيم التى تستوعب هذه المعتقدات ، كالولاء والانتماء ، والمواطنة .....الخ
الإهداء ودلالته الفنية والرمزية :
يفتتح الروائى روايته بهاجس مخيف ، يقدمه على شكل الإهداء . حيث يقول : ( إلى أسير 67 فؤاد حجازى ..... من جبل لبنى إلى عتليت .....يا قلبى ....فلتحزن .
إلى المراسل الحربى ... جمال الغيطانى ...لا تغادر موقعك ... فالغارة لا تزال مستمرة .
إلى سيدى الغريب .... كيف حالها بيوت السويس ؟
الدبابات قادمة .... حصنوا رؤوس المثلث فهى على مشارف كفر أحمد عبده ) . " 6 " ثعالب فى الدفرسوار
والسؤال ماذا يقصد الروائي من هذا الهاجس المفجع ، إنه هاجس استشرافي يدفعنا دائما للاستعداد للمواجهة مع العدو ، إنه إيحاء بديمومة العداء بيننا وبين الإسرائيليين ، مهما كان هناك من محاولات لتخطى هذا التراث العدائى ، ولعل نواة هذا الإهداء برزت فى قصة قصيرة للكاتب ذاته فى مجموعته القصصية ( نقش فى عيون موسى ) فى قصة بنفس العدوان على ما أتذكر ، التقى فيها بعض السائحين المصريين والإسرائيليين فى منطقة عيون موسى ، لم ينس كلاهما ما حدث لأصدقائهم وأقاربهم من فقد من خلال كلمات نقشها الجنود على جدران المكان ، وكأنه تاريخ يسجل على طريقة المصرى القديم . إن الإهداء بما يحمله من ثراء دلالى يقودنا أيضا لنتساءل لماذا فؤاد حجازى وجمال الغيطانى وأيضا عبده مباشر ؟
إنه ذلك الإحساس الكامن والمحرك لطاقة إبداعية ظلت راكدة كل تلك السنوات لتخرج من رحم الوجع الحقيقى للحرب متماسة تماما مع الواقع مرتكزة على تراث ساهم فى صياغته أسير 67 كرمز ، ومراسل حربى منضبط لا يهتم بغير الواقع وكان شاهدا عدلا على أحداثها ، فى تفوقها وانكسارها على حد سواء ، وكذلك للبطولة المتمثلة فى هؤلاء الذين يسكنون فى مواجهة الخطر متمسكين بمواقعهم حتى أخر لحظة ، على اعتبار أن الهجرة أصبحت من المستحيلات ، هذا ما سنتعرف عليه من التطواف داخل الرواية عندما تصبح العودة إلى الداخل أصعب على قلب أحد أبطال الرواية من مواجهة العدو ، وكأنه مأسور فى الحالتين .
كما فى عبارة خط النار ولا ترك الديار .
( المرابطون هنا منكمشون داخل خنادقهم ، حتى إذا انتهت الغارة انتشروا يلتقطون أرزاقهم ، حفروا لأنفسهم خنادق حول بيوتهم وقالوا الرب واحد والعمر واحد ).
ثم نجد هذه الصورة المعبرة بهذا التمسك الغير مسبوق بالأرض فى مواجهة حقيقية للعدو وكأن الراوية أرادها الروائى أو الراوى أن تسير فى خطين متوازيين أحدهما الشخصيات الواقعية المتحركة فى المكان والزمان والآخر هو الدلالة أو الرمز الذى يشير إليه أو يتوافق مع الأحداث .يقول الشيخ وهو يدافع عن أرضه فى مواجهة أولاد أبو حجر بعد رحلة هيام مع الأرض مؤكدا ملكيته لها : ( كان الشيخ يتهادى فوق تراب أرضه .
ماء الرى أهاج رائحة الأرض ففاح طعم الملح والسبخ ، ملح وسبخ أكل جلده وجلد أولاده . توغل الرجل ، وقع أقدامه كأنه قبلات على جبين الأرض ، أو هو خاتم يدمغ به أحقيته لها ، اخترقت رصاصة صندوقه السمين !
تناثر الدم على الأوراق البريئة ، قطرات ندى حمراء تساقطت من أى سماء .. لكى توثق حق الرجل ؟ !
انبطح محسن على الأرض ومن فوق وش البرسيم ن طفحت بندقيته آخر طلقاتها .
ادفنونى حيث أموت ، ولا تجعلوا على قبرى مقاما ...... فقط اغرسوا عن يمينى شجرة تين شوكى ، وازرعوا قدام الشاهد صفصافة ، فقد يجذب ظلها من يقرأ الفاتحة على روحى ، فربما بخت علىّ نفحاتها شيئا من رذاذ الجنة ، أو ينام تحتها كلب ، لسانه أمامه نصف متر من شدة القيظ .
وقال العقلاء ممن حضروا الواقعة : قبر أبيكم خط لكم أول سطر فى عقد الملكية .) هذه هى الصورة التى أرادها احمد محمد عبده لتوثق فى ذاكرة المواطن المصرى البسيط بعيدا عن الصراخ او التوجيه الذى لا طائل من ورائه غير ثقافى هشة لا تستمر طويلا إذا ما استعمل العقل وعاد له بريقه المغيب .
ليس بالشيح وحده تهرب الثعابين :
كلمة طالما قالها الشيخ نور " ليس بالشيح وحده تهرب الثعابين " لتدلنا على أن هناك طرقا أخرى يجب اللجوء إليها ، إنه يدعو لتعدد الأسلحة التى يمكن بها مواجهة الثعابين على حد قوله ، تلك الثعابين التى تلدغ وتهرب ...(انتهى موسم الصيف القح ، كان الاستشعار بلسعة البرد على أديم الأرض ، يمنع الزواحف من الخروج من مكامنها ، فما الذى جعل الثعابين تهيج هكذا ؟ مع أن الشيح هنا كثير ... طلع شيطانى ..طلع يملأ سهول المنطقة وحواف الحدود والسدود والقنوات . يبدو أن الثعابين ألفت رائحة الشيح .
كان الشيخ نور دائما يردد قائلا : يا عباد الله ... ليس بالشيح وحده تهرب الثعابين ..!! ) .
عن الكاتب من خلال هذا النص يرسم صورة مكانية زمانية بقدر كبير من التلقائية مما أكسبهما أى المكان والزمان بريقا خاصا ساهم فى هذا الثراء الفنى من الرواية . أثر ذلك بلا شك فى الشخصيات نفسيا واجتماعيا ، بطريقة متمازجة .. تقول رحمة : ( لا فلوس فى الجيب ، ولا طبيخ فى ماعون ..لو نفطر اليوم من خشاش الأرض ..!! ) قالتها وهى تعقد حول رأسها طرحة اليمن السوداء .
وهو يبتلع ريق الأسى .. هز ّ رأسه ، والتفت إلى كلمات أمه وعند العصارى ..كان ضاحى فى غيط الباذنجان والجعضيض والحميض والرجلة .. لملم أعواد السريس ..واقتلع رؤوس البصل الأخضر ، ثم تطرق ناحية الخليج الصغير سال لعابه على قراقير كانت تتقافز فى قعر فجوة بها بقية من ماء ، السمكات كانت تلعب الأكروبات .. بين الهواء والطين .. تقفز الواحدة... ثم تعكس اتجاهها إلى أسفل فينغرس بوزها فيما لا تزال طينة رخوة , استمرأت طراوة الطين .. مرغت فيه قشورها .. ربما كانت تمنى نفسها بنعيم الغرق , تحرك زعانفها ، وتتخيل أنها تعوم مع رقرقة تيار مياه ) .
ربما يسبح خيالى لأقول أن هذه البداية من الرواية تلخيص لما يدور داخلها مع التدقيق البسيط وبعض الدراية بأسلوب الكاتب وشخصيته ، ندرك تلميحاته التى لا تخلو من حقيقة أبدا ، فالمجتمع المدنى والعسكرى على حد سواء وصلا إلى مرحلة من استمراء الوضع والتسليم بسلاح واحد فى مواجهة الثعابين رغم محاولات عدة من ذوى البصيرة والذين استقرأوا من صفحات التاريخ ما يعينهم على تقديم النصيحة ، ومحاولة الربط بين الماضى والحاضر ، فالبيئة المصرية مكان الحدث بيئة فقيرة إلى درجة بعيدة ، لدرجة أنه لا يوجد فلوس فى الجيب أو طبيخ فى ماعون ، الغذاء ابن الطبيعة كما فعل ضاحى ، ولا يمكن أن تكون السمكات التى تلعب الأكروبات إلا رمزا أو معادلا للجنود الذين يعشقون الكبرياء لكنهم للأسف قد وقعوا فى شرك الجدب فخرجوا من بيئتهم أو على أقل تقدير حدث هناك موازنة بين البيئتين المدنية والعسكرية فأصبحت كل منهما تعانى الفقر ، رغم ذلك فالمحاولات مستمرة للحياة والمقاومة ، فسرعان ما تنغرس السمكات فى الطين والوحل ، إن السمكات تحلم بالحرية وعودة المياة إلى مجاريها لكن هيهات .. فالواقع يقول غير ذلك . لقد وصل الأمر إلى استمراء طراوة الطين .. ربما أدمنت السمكات المقاومة .. كما أدمن الجنود ذلك ، فلم يصدقوا أنهم انتصروا .. لقد صور الراوى أقصى أمنيات السمك فى الغرق ، تتخيل أنها تسبح .. وهنا يصير واقعها تخيلا ، كالذى ظن أنه انتصر ..
ثم يعود الراوى إلى طبيعة الإنسان المصرى الغالبة قائلا : ( وكل صائم يجرح صيامه على ما رزقه ربه .. ويحمد ربنا من افطر على البساريا .. مثل من أفطر على الكابوريا ) ......
بداية الحدث :
بداية الحدث تبدأ من تلك اللحظة التى اقتحم فيها الجنود الإسرائيليون بيت ضاحى ، تلك اللحظة التى سبقتها لحظات بل أيام كاملة من النشوة والإحساس بالنصر فلقد عبر المصريون القناة ، ولعب الإعلام فى ذلك دورا بارزا فى ترسيخ هذه الصورة لدى المواطن المصرى ، ولما كان الأمر على غير ما ترسخ فى الأذهان كان حجم الصدمة ، ليس الراديو فحسب الذى لعب دور البطولة فى ذلك ، إنما الطبيعة هى الأخرى لعبت أو ساهمت بدور كبير فى الإحساس بهذا النصر ، فالنحل والطيور والفراشات منطلقة حتى أن سمك ترعة الحلوة وثعابينها وضفادعها ، كانت تتقافز صاعدة إلى منحدر النهر ، ثم تتدحرج ، ثم تقفز ، ثم ....... إنها الطبيعة التى مهدت لتضخم حجم الصدمة .
( وكانت البسملة لا تزال على بعض الشفاه ، منهم من كانت أول لقمة بين شفتيه ، ومن كان يمد يده لأول لقمة ، توقف الريق فى الحلوق ، انحشرت اللقم فى البلاعيم ، رشاشات ثلاثة مصوبة إليهم ، هكذا .. وبدون مناسبة ؟؟حالة من الخرس والذهول والشلل ، تعجلت صبيرة فصرخت ، وتهورت رحمة وشخطت فيهم :
ابتعدوا عنا ....انتم من ؟؟
هب محسن واقفا ، أطلق جندى طلقة فوق الرؤوس ، فخرست التى صرخت ، وانكمشت التى شخطت ، وانحط محسن قاعدا .
تمتمت رحمة :
هذه الأشكال لم نرها من أيام النكسة ، معقول يكونون هم ... عساكرنا لا يخفون علينا ..عشرة عمر .. هم حولنا على شط القنال منذ سنين .
أدرك محسن بحاسته القتالية التى اكتسبها من حرب اليمن ، وقبلها فى سيناء ، أن فى الأمر خطورة ...
ـ كيف تسللتم إلى هنا ؟
ـ جيشنا هو الذى عبر إليكم )
وتستمر حالة الذهول والتساؤلات تهيمن على أبطال الرواية مما أحدث حالة من انعدام الوزن لشخصيات هذه الرواية بمعناه الفنى ، وتبزغ شخصية الأم بعفويتها وتلقائيتها ، عندما أخذوا ضاحى قبل أن يفطر بعد يوم من الصيام ، لتبهرنا بهذا السلوك الإنسانى الفريد ليس فى المقاومة على اعتبار أنها ام لمقاتل على الجبهة ، أو لفاقد أحد عينيه فى حرب اليمن ، وحتى لذلك الأسير الذى أسر أمام عينيها فحسب ، لكن الأمر هنا يسير من نظرة أخرى نظرة الأمومة ، تحاول مع العدو من هذا المنطلق وما أعظم ان يصر الراوى على إبراز هذا المنحى فى شخصية رحمة .
( وبسرعة وكأنها تداركت شيئا كانت ستندم عليه لو أنه فاتها ، أو ربما نزف قلبها .. لأنها لم ترحه وتفعله .. خطفت من على الطبلية كبشة سمك ، هرولت خلفهم ، اعترضت سيرهم ، وقفت أمامهم .. " هذه المجنونة " ماذا تريد ؟ وما هذا الذى فى يدها ؟ ... قالت وهى تمد كفيها لهم : بالسم الهارى لكبدك .. خذ .. كل واترك ابنى .. سمك مشوى .. ترجعه دم أزرق .. كل وهات ولدى .. ) هذه هى الأم التى قاومت الاحتلال الإسرائيلي بكل ما تحمله من عاطفة الأمومة ، التى لم تنل منها حروب عدة .. إن رحمة والدة سراج ومحسن وضاحى ، أسرة تتمسك بالمكان على اعتبار أنه الكيان ، تؤمن بذلك داخله ، لم تسرع فى الهجرة والمغادرة ، لكنها أصبحت من الضرورة بما كان ، بعد هذه الصدمة المتمثلة فى الثغرة التى أحدثت شرخا كبيرا فى الحالة النفسية للشخصيات ، فكان قرار الهجرة .
ثم يرسم الراوى صورة كلية للمجتمع وقت الاقتحام ( كانوا قد اقتادوهم على حالاتهم ، الحافى والعارى والجائع ، زمن كان يقضى حاجته فى مراحيض الجوامع ، أو على تلال السباخ ، فتشوهم بدقة ......)
يقول الراوى أيضا ( الحمار عرف الطريق إلى الدار .. مع أنه حمار ) . أليست هذه تلميحات من الراوى بمدى دربة الحيوان على اكتساب معلومات المكان وبالتالى التحرك فيه بانسيابية رصدها الراوى فما بالنا بالإنسان الذى صنع مكونات هذا المكان . وتحدث المفارقة فى هذا الإطار أيضا عندما يعجز خفير القرية فى التمييز بين جنود بلده وبين جنود الأعداء ، مقارنة ليست فى صالح آلة صد داخلية لا تخلو من تلميح بضعفها .
لحظات الشك :
بزغت بواكير الشك ، تتسلل فى النفوس حتى الهرب أصبح ضربا من الجنون ، لأنه ببساطة أصبح المكان فى قبضة الأعداء ، وما زال الراديو يثرثر .... رغم تضييق الخناق عليهم ( يجيئون من وراء البحر والجبل ، ليأخذوا أخى من قلب داره .. من حضن أمه نبحث عن مخرج لنا وضاحى فى حنك كلب !!
تنويعات صبيرة هيجت حفيظة أمها رحمة فانفجرت باكية ، تداعت معها خديجة فى نوبة بكاء ضعيف نحيف مسكين ، مثل مواء قطة أكل طعامها كلب .........
عادت صبيرة إلى الراديو :
" السادات يعلن : الثغرة لن تثنى عزيمتنا عن تحرير سيناء كاملة " .
ـ معقول سترجع سيناء ؟
قالتها رحمة ، ثم قبعت بجوار صبيرة ووجهها بين كفيها )
هذه هى الصورة النفسية التى نقلها الراوى عن شخصياته ، تلك الشخصيات المحبطة لأنها بقليل من التركيز شخصيات من الواقع ، فلم يسع الراوى عن الحديث عن شخصيات خيالية بمعناها البطولى ، إنما البطولة تتمثل عند هذه الشخصيات التى بين أيدينا فى الإحساس بالموقف ومحاولة مواجهته حتى لو كانت المواجهة فى عرف المحاربين انسحابا رغم أن ذلك لم يحدث . ويمكننا أن نرصد مع الكاتب أو نعمم هذه الحالة على الشارع المصري فى مجملة إبان وقوع الثغرة .
إن لرحمة خبرة سابقة مع مواطن الشك تلك ، عندما كان الزعيم عبدالناصر يخطب فى الشعب ، منتشيا بإغراق المدمرة ، وهى تسبح فى الفرحة معه إذا بولدها محسن يعود فاقدا احد عينيه .
( وفى عصرية .. كان فيها الزعيم يخطب للشعب ، منتشيا بإغراق المدمرة ، كأن حصيرة سحرية حملت رحمة وزوجها الشيخ نور وطارت بهما فوق السحاب ، وعندما وقعت عيونهما ـ ولأول وهلة ـ على محسن وهو يدخل عليهما الدار حلقت الحصيرة فى الفراغ ،شرعت فى الدوران ، انحطت بهما وارتطمت بالأرض فور مشاهدتهما للشاش الأبيض الذى يحزم نصف رأسه بنصف وجهه !
حمدا لله على السلامة يا بنى الأعور أحسن من الأعمى ) .
الخيانة عنصر محورى :
بينما كان الخفير يخبر رحمة وأولادها بقدوم الحكومة لتسليمهم الأرض ، كان أولاد أبو حجر أسبق منهم فى إحضار أصدقائهم ، من الإسرائيليين ، لتتوه معالم الأرض ، وتستمر حالة السطو على أرض الغير ، إن أولاد أبوحجر مرادف موضوعى أو معادل موضوعى للعدو ، كما أنهم اليد الغاصبة والعين الخسيسة له أيضا ..إذ أن كل عثرة تواجه المصريين تلزمها خيانة .. وهذا ما أكد عليه الراوى وكأن التاريخ يكرر نفسه .. ولنعد مع الراوى إلى صفحات التاريخ وباب الخيانة بصفة خاصة سنتأكد من صدق هذا .
( واحد من أولاد أبوحجر تقدم من الضابط ، كان يرفع ذراعيه فوق رأسه ، وهو يتبرم حواليه ، مثل النّور أو الغجر ، دخل فى حديث هامس مع الضابط ، كان يدس الكلمات فى أذنه ، بينما عيناه تبرقان كثعبان محاصر ، بصق عليه الرجال ..
المريب فى الأمر أن الضابط كان يبتسم له ، ثم ربت على كتفه ، اصطحبه إلى الصفوف وهو يردد " فرى جود.. هايل "
ترى .. ماذا كان يقول هذا الحجر ؟
ولماذا كان الضابط يبتسم له منبهرا به ؟
ولماذا ... ومن دون الآخرين ، أخرج له أخاه من الصفوف ليأخذه وينصرف إلى داره ؟)
إنه ارتباط مشبوه بالقطع يدلل على محورية الخيانة فى حدوث الثغرة .
الذكريات ومحاولة البحث عن مخرج :
لقد أفرزت الذكريات نسيجا متينا للعلاقات الإنسانية والاجتماعية ، حيث عناق المقاومة والدفاع عن الكيان والأرض ، بين كافة طوائف الشعب المصرى فلاحيه ومثقفيه على حد سواء ، جنبا إلى جنب ، يتمثل ذلك فى الفضفضة التى حدثت بين الطبيب ومحسن حيث تلازما فى الدفاع عن الوطن فى سيناء قبل ذهاب محسن للمشاركة فى حرب اليمن ، ولما تذكر محسن تلك الليلة التى احتبست فيها أنفاسهما تحت أحد دبابات العدو فى حفرة كانت لهما ، دمعت عينا الطبيب ، لدليل على عمق الروابط التى تربط هذا الكيان الإنسانى بعضه فى بعض ، كأنه البنيان المرصوص .
( ولهما معا وقائع وذكريات ، كانت كتيبتهم متمركزة ـ قبل السفر ـ على حدودنا مع إسرائيل .. فى القصيمة .. كنا فى مهمة فى موقع على الحدود .. أقرب إلى الأسلاك الشائكة ، شاهدا رتلا من دبابات العدو يتجول فى المنطقة فنزلا إلى إحدى الحفر اختبأ فيه ، كل دبابة تمركزت فى زاوية من أضلاع المكان ، وباتت دبابة كاملة منها .. ليلة كاملة .. فوق الحفرة التى كانا يرقدان فيها .
ظلا طوال الليل يأخذان شهيقهما بالتناوب ، ومع أول ضوء غادرت الدبابة المنطقة .....
دمعت عينا الطبيب ، حينما ذكّره بالواقعة ، فحاول محسن تغيير مجرى الحديث ، فابتسمت دموع الطبيب ، حينما قال محسن مشيرا إلى عينه المقلوعة .. وهاأنذا صرت مثل موشى ديان ) .إناه الذكريات التى انطلقت فى قلب المحنة لتواجهها كتفا بكتف ، ثم كانت عملية تنفيذ فكرة الهجرة . ولنشاهد معا هذه المقاومة المتمثلة فى مقاومة رحمة وصبيرة للجنود الإسرائيليين رغم هزالهما لكنها المقاومة التى تربوا عليها بلا خوف أو تردد .
( وحينما لمحت رحمة الجنود وهم يقفزون من المصفحة ، طار من عقلها آخر برج ، نار الثأر بددت غشاوة الخوف من الرشاشات المكشرة لهم ، !
حرقة قلبها أمدتها بقوة عزرائيل ، فانقضت على أحدهم بالهم الطافح .... أعانها الله وغرست انيابها فى الجسد المدجج .
ـ أين ولدى يا ابن الكلب ؟
كان بإمكان زميله أن يكومها بطلقة واحدة ، لكن يبدو أنه استخسرها فى الجسد المتآكل المرهون على رفسة واحدة !
دفعها الجندى فانطرحت على الأرض " جلباب الولية " شلح عن سيقانها المسكينة ... فضحك الأبالسة !!
السروال الطويل ـ أبودكه ـ ستر عورة العجوز ، قذفتهم صبيرة بالمنقد التى كانت عليه القوالح مشتعلة . )
إن الراوى يرمز من خلال هذه المنطقة من العمل الروائى إلى الإشارة أو محاولة الربط بين شخصية رحمة والوطن الأم " مصر " والمحاولات المستمرة لكشفها تلك المرأة القديمة بما تملكه من تراث وتاريخ ، إناه مصر بنت النيل وارتباط الزى الذى ترتديه رحمة بالزى الغالب على سكان مصر جميعا . لكن السروال ـ أبو دكة ـ ستر عورتها وكأن الراوى يقول رغم كل تلك المحاولات ستظل هذه السيدة صاحبة الزمن ومالكة لتراث وتاريخ زاخر من المقاومة والصمود لن تنكشف ولن تنفضح ابدا ، فهى تعرف كيف تستر نفسها .
وفى الحقيقة فإن شخصية صبيرة هى الأكثر تمثيلا لهذا الرمز العام ، إلا أن الراوى فى منطقة أو أكثر يقدم لنا تأكيداعلى أن جميع الشخصيات تحمل هى الأخرى بعض ملامح هذا الرمز .
هالات مبتسرة من النور :
ما حدث لصبيرة بعد اعتقالها بلغة الحرب ، جعلها أكثر تماسكا مما جعلهم يرمونها فى الفلاة ، لأنها بدات فى محاولات وضع مولودها الأول بعد مرات عديدة من الإجهاض اللإرادى ، وكأن الله قدر لها ان تلد رغم أن هذه المرة أكثر صعوبة من تلك .
إن الراوى يلمح إلى ميلاد " نور " ذلك النور الذى لا يحمل مقومات المقاومة ـ نور بلا أظافر ـ لكنه على أى حال نور لم يجهض .
رغم أنه بلا أظافر إلا أنه تشبث بالبقاء فى رحم الصبر ، حتى خرج للحياة ، إنه ربط بين الواقع وحال الرمز الذى سبق أن أشرنا إليه ، ربط بين النصر الحقيقى الأول الذى شعرنا به فى حرب 73 ، وبين الطفل الذى جاء بعض محاولات عدة من الفشل ، لكنه كما سبق أن أشرت أيضا جاء .
إنهم يبحثون عن سبب وراثى للإجابة عن السؤال كيف يولد الطفل بلا أظافر ؟ لم يكن هناك ما يدعوا لميلاده هكذا ، اللهم إن كان أبوه هو الذى بلا أظافر ، ولكن كيف ذلك ؟ كيف يحارب الجندى بلا أظافر ؟
سؤال يطرحه الراوى علينا ويلمح فيما يلمح إلى أشياء غاية فى الخطورة تخص الألة العسكرية المصرية ، وتلك الأخطاء التى جعلت هذا النصر بلا أظافر يخمش بها وجه الفشل أو وجه العدو .
لقد أصبح من الضرورى لسراج المجند وضاحى المعتقل الذى يشم رائحة زوجة أخيه عن بعد وقت اختطافها ، أن يدافع كلاهما عن الحاضر والمستقبل دون تقاعس ، حتى يتسنى لهذا النور أن تنمو أظافره .
كما صور الراوى محاولات صبيرة فى الحمل بنور جديد أو التشبث به عن كانت مقوماته قد وضعت فى رحمها ، وحمله عليها مسئوليه الإجهاض فى المرات السابقة ، لنسيانها أنها حامل أو محملة بأحلام الفقراء والبسطاء والأحرار ليس فى الوطن المصرى فحسب بل فى الوطن العربى كله . ولأنها دائما تحزن كثيرا ، مع أول وهلة للنور تفرح كثيرا وتتناسى كل شىء فتقع مرة أخرى فى أسر الحزن لأنه ببساطة يقعد لها يترقب لحظة انفلات ليبسط سيطرته عليها مرة ومرات .
ويمكن القول أن الراوى يلمح إلى أن صبيرة الرمز محملة بأحلام وطموحات أمة ، لذلك يجب أن تأتى قراراتها متأنية ، فلا زيادة ولا نقصان حتى كانت الثغرة لما كان غير ذلك ـ لا تفريط ولا إفراط ـ هكذا يريد أن يقول .
( وبعد أيام خرجت ...
لم تخرج مكسورة الخاطر ، كان بين ذراعيها " نور " قالوا لها سلامتك بالدنيا
فراحت تفتش فى وليدها !!
كان يصرخ مثل كل المولودين ، يتلهف على حلمات الثدى ، وعيناه تلمعان ، وبؤرة نافوخه طرية ، يسكت عندما تلقمه أمه حلمة ثدييها ، ويصرخ عندما ينتقل فمه إلى الحلمة الثانية إ وعلى رأسه شعر اللبن ، ولكن ليس له أظافر ..... وحبله السرى مقطوع ....
راحوا يقلبون فى الولد ، يشدون أصابعه ، فتشوا فى أصابع الأم والجدة والأعمام والأخوال ، قالوا : ربما تنبت الأظافر فيما بعد !!
الأظافر لا تنبت .. بل تولد مع المولود .
طلبوا معاينة أظافر الأب !
قالوا : هو الآن يحارب .... وكيف يحارب بلا أظافر .) .
إنه الان يقتلع الشوك كما جاء فى أحد خطاباته لزوجته صبيرة .
المراسل الحربى :
ليس من العجيب أن يكون المراسل الحربى الذى رصده أحمد محمد عبده فى هذ النصأن يكون الإهداء له . إنه شخصية غاية فى الروعة ، حيادية فى نقل الأحداث ليس بالطبع فى موقفها لأنها شخصية وطنية من الطراز الفريد ، لكنها لا تجمل الحقائق لكنها قد تساهم فى تفسيرها ، ينقل لنا الراوى إحساس الشخصية على لسانها ويتركها هى التى تحكى ..
( زملائى المراسلين كانوا قد عبروا مع الدفعات الأولى ، أما أنا فقد جاءت قرعتى لأبث رسالتى إلى صحيفتى من خلف قواتنا المقاتلة .. من خط الدفاع الأول " كنت أوق وأتلهف إلى معايشة اللحظات الأولى على مسرحها ، فى آتونها ، دائما لدى شغف عنيف لمعايشة اللحظات الأولى ، لطلوع الشمس ن لولادة مولود .....، وإن كانت اللحظات الأخيرة لا تخلو من هذا الشغف أيضا ، كنهاية العمر ن نهاية ديكتاتور .
والآن .. اليهود هم الذين يجبرونا على العبور !!
العبور لهم ... وليس العبور إليهم ) .
بالطبع فإن الفارق كبير بين العبور لهم والعبور إليهم ، هذه هى الحقيقة التى نقلها المراسل العسكرى بحيادية شديدة بعيدا عن الأمنيات والعواطف . وتطفو على السطح ذكرى الخامس من يونيه والربط بين اللحظة التى أصبح فيها المراسل أسيرا وبين تلك الهزيمة المؤلمة فى 67 . ( ووالله .. فإن الواحد ليرى هؤلاء عندنا فى الضفة الغربية للقناة .. ليتذكر يوم الخامس من يونيه !
ويرى أو يسمع أن قواتنا فى الضفة الشرقية .. فيوقن أن اليوم هو السادس من أكتوبر .).... وتستمر حالة الحيرة هل هذا يوم 5 أم 6 ؟ الخامس من .... أم السادس من .........
بلا شك فإن الثغرة هى التى أحدثت كل هذا الصراع النفسى لدرجة تاه معها الإحساس بطعم النصر الذى تحقق فى السادس من أكتوبر .واستمر المراسل العسكرى الأسير يلعب دور الراوى بفنية عالية وهو يصف كل لحظة من لحظات الحياة التى يحياها الجميع على خط النار او فى قبضة الأسر وليبرز الدور الإعلامي فى مسيرة الحرب . إنها حب أخرى بين إعلامين فلمن تكون الغلبة أيضا ومن يملك القوة الملازمة لأرض الواقع ... ( أدار السائق مؤشر الراديو المدفون فى تابلوه الناقلة ..
صوت إسرائيل من أورشليم القدس : سوف نعض على سيناء بأسنان من حديد
ابتلع السائق نفسا عميقا ، وبعينين لامعتين ابتسم ابتسامة صفراء إلى الوجه المعصوب ..
أنامله تدير المؤشر بحثا عن محطات اخرى ..
هنا القاهرة :
قواتنا تصد إمدادات لقوات العدو فى منطقة الثغرة ..
السادات يؤكد : الثغرة لن تثنى إصرارنا على تحرير سيناء
السائق يخطف النظرات إلى القابع بجواره
يدير المؤشر بعصبية ..
توهم أن ضاحى لن يراه من أى بصيص من تحت العصابة ).
إذن فى تلك اللقطة نؤكد نجاح الإعلام المصرى فى إدارة الحرب الإعلامية .
وينطلق المراسل العسكرى فى هوايته، يصف لزملاء أسره ، ما يحدث وكأنه أديب يتقن فن القص أو لديه ملكات إبداعية من نوع فريد ..
( أما أنا فكنت أرى بوضوح ، رحت أصف لهم ما يجرى نحو العربات ، عكس انطلاق العربات ، قرص الشمس مخنوق ، الخناق الأحمر ينسحب على القرص بالتدريج ، يبدو أن إظلاما كاملا سوف يهبط على سيناء ، القرص يرسل سهاما خارقة من تحت حواف السحابة ، السهام تغرس أطرافها فى قوس من محيط الأفق .
أرى سحابة على شكل راقصة بالية ، تتحنجل على سلم ، الحنجلة لم تدم غير دقائق ، ثم تبعثرت الراقصة ، سحابة أخرى على شكل .......)
وتستمر حالة من التوهج الحكائى وصل إلىحد الشعر .. فى مثل هذه الظروف وتبزغ روح الشعر بمعناه الحسى أكثر من أى شىء آخر .. تتماهى فى المكان حركة الزمن وتصبح محاولة الفصل بينهما مستحيلة .. لدرجة وصلت إلى حد العناق
ويستمر المراسل العسكرى متمسكا بكبرياء النصر الذى تحقق مرسلا فى نفوس زملائه حماسة من نوع يبعث على التهكم من آسريهم ..
( أخبرت زملائى بأننا عبرنا أحد الممرات ، " أنتم عبرتم عبور الثعالب ـ ليلا ـ أما جيشنا فقد عبر إليكم فى وضح النهار ) . ويقرر بأن هكذا عبورهم دائما كالثعالب .
ويؤكد على أن دوره فى يتمثل فى رصد ملامح الإنسان وهو يطلق الرصاصة ، ووصفه وهو يتلقاها أيضا فى صدره
وتبزغ فى الأفق رائحة عم فؤاد حجازى ذلك الأسير الأديب ، وعم جمال الغيطانى ذلك المراسل العسكري الأديب أيضا ،وهنا نعود إلى منطقة الهاجس الذى بدأ به الرواية .
اللغة والمكان :
لا يمكن ان نغفل دور اللغة فى التعبير عن شكل وأسلوب حياة المكان ، إذ تلعب اللغة دورا هاما داخل الرواية فى رسم حركة الشخصيات داخل المكان وكذلك رسم الصورة النفسية لهذه الشخصيات وكأن الأمر يستحيل معه الحديث عن المكان منفصلا عن حركة الشخصيات فيه وهذا ما استوقفني كثيرا قبل الشروع فى الكتابة ، واهتديت إلى الحديث بشكل متماهى أيضا كما جاء داخل هذا العمل الروائى .
نعود إلى اللغة ، حيث هى انسجام وتناغم ونظام، واللغة الإبداعية نسج بديع يبهر ، ولعل الأديب الكبير هو الذى يعرف كيف يتلطف على لغته ، حتى يجعلها تتوزع على مستويات ،لكن دون أن يشعر قارئه بالاختلال المستوياتى فى نسج لغته ، وذلك بالإبقاء عليها فى مستوى فنى عام ،موحد على نحو ما ، كالبنية الكبيرة التى تجرى فى فلكها بنى متعددة ومختلفة ، دون أن تتفكك بنية منها فتنعزل عن صنواتها ، بل كل بنية تظل مرتبطة ببعضها ، ومفضية إلى أختها ، بحيث كل بنية تستأثر بخصوصية ، دون أن تفقد علاقتها بباقى البنى ،وذلك من أجل تجسيد نظام لغوى أ أثناء ذلك ،شديد التماسك .
ولقد نجح الروائى أحمد محمد عبده فى خلق تجانس متميز فى مستويات اللغة على مدار صفحات الرواية فظهرت لغة النص متماسكة إلى حد بعيد دون اللجوء إلى اللهجة العامية إلا فى حدود ضيقة على سبيل المثال فى مسميات الأشياء ، فلم يفقد ذلك الرواية بريقها اللغوى بل وللحقيقة أضفى عليها بريقا آخر وإحساسا جديدا باللغة . " 7 " فى نظرية الرواية
(لا فلوس فى الجيب ، ولا طبيخ فى ماعون ... لو نفطر اليوم من خشاش الأرض ) .
( مصيبة فوق مصيبة فوق دماغك يا را....حمة ، رأسك ابيضت من سواد الليالى يا را ...حمة ).
هذه هى اللغة الوسيطة التى جاءت على لسان الشخصيات ، ولقد استمرأ الراوى المر فراح يحكى مقتربا إلى هذه الدرجة من اللغة مما أكسب النص كما سبق الإشارة جمالية أخرى لعدم وجود نشاز لغوى يمكن أن يؤثر سلبا على البناء اللغوى للنص .
ومن تلك اللغة الجميلة تبدت حالة المكان من خلال ما يسمى بالمظهر الخلفى للمكان مثل ذكر الجبل ، الطريق ، البيت ، الأرض الزراعية ، ترعة الحلوة ، الأسلاك الشائكة ، ......الخ .
ولنؤكد على أن هذا التماهى بين الشخصيات وحركتها فى المكان وما تملكه من لغة جعلنا نشعر بأن هذا المكان الأدبى لا تحده حدود ، كأنه البحر دون سواحل ، والليل الذى لا يلحقه صباح ، أو النهار دون مساء ، إنه امتداد مستمر مفتوح على جميع الاتجاهات ، وفى كل الآفاق .
لقد استطاع الروائى استخدام مكانه كإطار مادى فى استحضار شخصياته ، ومن ثم الحدث ، والزمان .. تعرض فيه أسلوب حياة .
والرواية بها الكثير مما يمكن قوله ، فلم نتعرض للعديد من النقاط الحيوية التى أشارت إليها الرواية ، فمثلا لم نتعرض لرحلة العودة إلى الداخل ، ومدى التأثير النفسى للحرب على المهجرين ، كما لم نتعامل مع الشخصيات بشكل مستفيض ، إنما أشرت فقط إلى الدلالات التى تربط بعض الشخصيات بوجودها الواقعى والدلالة الرمزية العامة ، وإن كانت رحلة عودة ضاحى تستحق دراسة منفصلة ، تبرز هذا الصراع النفسى الهائل داخلة ومحاولة الموازنة بين الجو العام الداخلى ، ومعاملة العدو . كأنه يريد أن يقول أنه لا يوجد فرق كبير بينهما . رغم اختلافى مع هذا الإحساس الذى تولد داخل ضاحى إلا أننى لا أملك غير تصديقه . نظرا لحجم أمية الريف المصرى آنذاك . رغم إسهاماته الرائعة فى احتواء المهجرين .
أهمية الرواية :
لعل من الأسباب الأساسية التى دفعتنى للكتابة عن هذه الرواية تحديدا هو موضوعها ، وبالطبع كاتبها الذى أحبه واحترمه على كافة المستويات الإنسانية والإبداعية ، ونظرا لأهمية الموضوع ، كان من المهم أن أكتب ، ليس لأمارس دورا بالنقد كما زعم البعض ، ولكن لأن الأمر يستحق منا جهدا كبيرا بل مضنيا فى هذا الخصوص خاصة فيما يتعلق بأدب الحرب . فما كتب هو تراث إنسانى أو هكذا يجب أن يكون ، ليس بالتأكيد تسجيليا وإنما تراث إبداعى مضاف إلى كل ما كتب عن أدب الحرب . خلال ثلث قرن مضت على حرب 73 .
إن ملكية التراث الثقافى للإنسانية جمعاء ، ولأن الدولة أو المجتمع هو صاحب ذلك التراث الثقافى وحارس عليه ، فمن واجبه حمايته والمحافظة عليه قبل الآخرين والدفاع عنه إذا لزم الأمر ، فعلى مر العصور كان الاعتداء على التراث الثقافى وسيبقى ما دام الانسان يحارب أخاه الانسان ، الذى صنع ذلك التراث " 8 " الحفاظ على التراث الثقافى .
ولعل ما حدث فى الدفرسوار من ثغرة حربية كان محاولة لاستلاب تراث النصر الذى سكن قلوب وعقول المصريين والعرب على حد سواء .
فمن قراءة التاريخ عرفنا أن الغازى أو المستعمر يعمد إلى تدمير التراث الثقافى للبلد المهزوم ، لعزل الشعوب عن هويتها وتراثها وجذورها ، ومن ثم ارتباطها بالأرض .ولماذا نذهب بعيدا ، لقد دمرت أمريكا تراث العراق تدميرا غير مسبوق فى التاريخ ، اللهم لو ذكرنا أيضا ما فعله التتار بالعراق أيضا ، إثر سقوط الخلافة العباسية فى ايديهم ، وكأن التاريخ يعيد نفسه ، وكذلك ما يحدث من سرقات للآثار المصرية .. لدليل على محاولة طمس معالم شعب .
الرواية أثارت كل هذا بطريق غير مباشر أعتقد ان الراوى لم يكن فى ذهنه بعض هذه الأشياء ، لكن النص ساعدنا على استخراج معالم معينة مهمة كان من الصعب تجاهلها .
خالص تقديرى لهذا العمل الإبداعى المتميز ، الذى نال عنه الروائى احمد محمد عبده جائزة الأديب الكبير " إحسان عبد القدوس " .
فأهلا به كاتبا يضاف إلى قائمة كتاب أدب الحرب المرموقين ، يملك رؤيته ، وقدرا كبيرا من الشجاعة تجاوز فيه العديد من كتاب أدب الحرب السابقين .
المراجع :
" 1 " قضايا أدبية عامة 0( آفاق جديدة فى نظرية الأدب ) ـ ايمانويل فريس ، برنار موراليس ـ ترجمة د / لطيف زيتونى ـ عالم المعرفة ـ فبراير 2004 العدد 300
" 2 " الغيم والمطر0 الرواية الفلسطينية من النكبة إلى الانتفاضة " ت د / مصطفى عبد الغنى ـ مكتبة الأسرة 2003
" 3 " فى نظرية الرواية " بحث فى تقنيات السرد " ـ د / عبد الملك مرتاض ـ عالم المعرفة ـ العدد 240
"4 " سحر الرواية ـ د/ فاطمة موسى ـ مكتبة الأسرة 2003
" 5 " الرقص على طبول مصرية ـ فؤاد حجازى ـ دارالإسلام
" 6 " ثعالب فى الدفرسوار ـ رواية مخطوطة ـ أحمد محمد عبده
" 7 " فى نظرية الرواية ـ مرجع سبق ذكره
" 8 " الحفاظ على التراث الثقافى ـ نحو مدرسة عربية للحفاظ على التراث الثقافى وإدارته ـ د.م / جمال عليان . عالم المعرفة ـ العدد 322 ديسمبر 2005 .
" 9 " القصة القصيرة دراسة ومختارات ـ د / الطاهر مكى ـ دار المعارف
" 10 " نقش فى عيون موسى " مجموعة قصصية ـ أحمد محمد عبده ـ دار الإسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق